بيان العدل النسائي - 8مايو 2003
صفحة 1 من اصل 1
بيان العدل النسائي - 8مايو 2003
بيان العدل النسائي
8مايو 2003
صادر عن هيئة القضاة في محكمة النساء العربية المنعقدة في بيروت يومي 29 و 30 /6/1995
8مايو 2003
صادر عن هيئة القضاة في محكمة النساء العربية المنعقدة في بيروت يومي 29 و 30 /6/1995
استمعت محكمة النساء العربية يومي 29 و 30 يونيو (حزيران) 1995 إلى ثلاثة وثلاثين شهادة حية تفيض بالألم والأمل والتصميم، قدمتها نساء من أربعة عشر دولة عربية، تناولت مختلف أشكال العنف الاجتماعي والقانوني، وما سمى خطأ بجرائم الشرف.
لقد استطاعت الشاهدات تقديم الدليل القاطع علي ان التسلط والاستبداد وغياب الديمقراطية واستمرار الاحتلال والنزعات المسلحة وما ترتب عليه من فقر وإعاقة للتنمية واستغلال وتمييز واقعي وقانوني مستمر بمساندة من عادات وتقاليد وثقافة أبوية قبلية سائدة وبفعل التطرف الديني والتعصب بمختلف صوره هي جميعا عوامل مسئولة عن تكريس العنف ضد المرأة وتفاقمه. لقد كسرت النساء العربيات الشاهدات أمام المحكمة طوق الصمت المضروب حول ظاهرة العنف ضد المرأة وأمطن اللثام عن وجهه القبيح وأعلن علي الملأ ان لا للعنف ضد المرأة بكل صوره وأشكاله ومعانيه وأسبابه.
ولقد اعتمدت محكمة النساء كمرجعية لها مجموعة المبادئ والقيم الإنسانية المتمثلة في العدل والحرية والمساواة والمحبة والاحترام وصون كرامة الإنسان وكذلك مجموعة المواثيق والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة واتفاقيات جنيف وإعلان القضاء علي العنف.
وقد أخذت المحكمة بالاعتبار ان ظاهرة العنف هي ظاهرة عالمية تاريخية ناشئة عن اختلال موازين القوى وغياب المساواة والتكافؤ في العلاقات. وان العنف ضد المرأة يطول النساء في مختلف أنحاء العالم ولا تختص به المرأة العربية وحدها.
كما لاحظت المحكمة بقلق انه بالرغم مما حققته المرأة العربية من إنجازات وما شهدته المنطقة من تحسن نسبى في عدد من المجالات وبالرغم من نضالات وتضحيات الرائدات من النساء العربيات ومن الجهود المحلية والعربية والدولية للقضاء علي التمييز ضد المرأة وتحسين أوضاعها وتمكينها من ممارسة حقوقها الإنسانية إلا ان هذه الجهود أخفقت حتى الآن في الحد من ظاهرة العنف ضد النساء وخاصة العنف الأسرى، مما يستوجب إجراءات اكثر فعالية وجدية لمعالجة أسباب العنف والتصدي له والحد من آثاره والقضاء عليه.
كما وجدت المحكمة ان العنف ضد المرأة يشكل اعتداء علي إنسانيتها وكرامتها وانتهاكا لحقوقها وحرياتها وهو مناف لمبدأ المساواة ولمقتضيات القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة كما انه يخل بأسس بناء المجتمع الديمقراطي المدنى المنشود ويعرقل جهود التنمية الشاملة والمستديمة ويضيق إشاعة السلام الحقيقي والعادل.
وبعد التداول واستعراض محتوى الشهادات المقدمة وحيث توفرت لدى المحكمة قناعة تامة بعدالة قضايا النساء المعروضة عليها، خاصة وقد سمعت ورأت ما أبدته الشاهدات بصدق من مقاومة وصمود وعزم علي تغيير الواقع المر ومواجهة العنف والسعي للقضاء عليه واستنادا إلى ملف الوثائق والشهادات فقد قررت المحكمة وبالإجماع:
"إدانة العنف ضد المرأة بكل صوره وأشكاله وحيثما وقع ومهما كانت أسبابه وأيا كان مرتكبه واعتباره جريمة حق عام"
وأصدرت حكمها الآتي:
حيث ان للمرأة مطلق الحق في سلامة حياتها وجسدها وفي احترام خياراتها وفي تلبية حاجاتها المادية والمعنوية وصون حقوقها علي كل صعيد علي أساس المساواة التامة ولها مطلق الحق في اتخاذ أي موقف أو إجراء أو قرار يضمن لها هذه الحقوق ويرد عنها العنف ويحقق لها الأمن والعدل والاستقرار وحيث ان الشهادات المقدمة تثبت ان المرأة العربية تعاني انتهاكات مستمرة لحقوقها بل وانتهاكات مقننة في كثير من الأحيان، فان المحكمة:
تدين المفاهيم والقيم والنسق الثقافية التى تنكر علي المرأة إنسانيتها وأهليتها وحقوقها وتضعها في مرتبة دنيا في الأسرة والمجتمع وتبرر العنف الممارس ضدها.
تري المحكمة ان انضمام الدول العربية بلا تحفظات إلى اتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة واكتساب هذه الاتفاقية حق الإلزام القانوني وتطبيق أحكامها يسهم في تعزيز مكانة المرأة العربية وحقوقها ومساواتها ودورها في بناء المجتمع. كما ان تبنى إعلان القضاء علي العنف ضد المرأة بشكل آلية قادرة علي الإسهام في القضاء علي ظاهرة العنف.
تجد المحكمة ان معظم القوانين المطبقة فى الدول العربية قاصرة عن تحقيق المساواة والعدل ومتطلبات تطور المجتمع ولا تتماشى مع مقتضيات الديمقراطية.
وعليه ترى المحكمة ان إقامة العدل يتطلب تعديلات قانونية وإجرائية واسعة تشمل مختلف المجالات ومنها الأحوال الشخصية وقوانين العمل والجنسية والتشريعات الجزائية وقوانين التأمينات الاجتماعية.
ترى المحكمة ان المرأة العربية غالبا ما لا تستطيع الإفادة حتى من الحقوق المنصوص عليها في القوانين وذلك لأسباب عدة منها جهلها بالقانون وضعف إمكانياتها الاقتصادية وبطأ الإجراءات القضائية وسطوة العرف والعادة وضعف الجزاءات والعقوبات الرادعة.
تعتبر المحكمة ان القتل والإيذاء بحجة الدفاع عن الشرف هو جريمة لا يجوز حمايتها بالنص علي أعذار محله أو مخففه للعقوبة أيا كانت صفة مرتكب الجريمة.
تعتبر المحكمة ان كل نص قانوني ينطوي علي تمييز بين الرجل والمرأة باطل لمخالفته للشرعية الدولية لحقوق الإنسان وخاصة اتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة وإعلان القضاء علي العنف ضدها.
تدين المحكمة كل صور وأشكال الممارسات التقليدية المنطوية علي تمييز او عنف ضد المرأة وخاصة الختان والتعليف وتعتبرها جرائم تستوجب العقاب.
ترى المحكمة ان استمرار الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي للأرض العربية يشكل خرقا واضحا ومستمرا لأحكام القانون الدولي والشرعية الدولية لحقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة وتراه سببا رئيسيا لاستمرار العنف السياسي ضد شعوب المنطقة والنساء علي وجه الخصوص، كما تري المحكمة ان استمرار اسر النساء العربيات في السجون الإسرائيلية يشكل انتهاكا لاتفاقيات جنيف وعنفا سياسيا لابد من وضع حد له بالإفراج عن كل الأسيرات وجميع الأسرى والمعتقلين.
تؤكد المحكمة علي ضرورة إشاعة الديمقراطية في الوطن العربي وتعزيز واحترام حقوق الإنسان ولاسيما حرية الرأي والتعبير وحق المساواة والمشاركة والتعددية الفكرية والسياسية وحق تداول السلطة وتطبيق مبدأ فصل السلطات واستقلال القضاء وسيادة القانون وبناء دولة المؤسسات.
تعتبر المحكمة ان النساء اللاجئات والمهجرات يعانين عنفا متعدد المستويات يستدعي معالجة جذرية لمشكلة الهجرة القسرية واللجوء القهري بضمان حق العودة الآمنة للأوطان والمناطق التي اضطروا بالعنف إلى تركها.
تجد المحكمة ان العقوبات الجماعية، بما فيها فرض الحصار، يشكل سببا رئيسيا لاستمرار حالة العنف ضد الشعوب المحاصرة حيث المرأة قد تكون اكثر من غيرها معاناة وتأثرا.
توصلت المحكمة إلى ان دائرة العنف التي تتسع في المجتمعات العربية بفضل إذكاء التطرف الديني والتعصب العرقي تؤدي الي مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، ولكن وبشكل خاص مزيد من انتهاكات حقوق النساء ومزيد من العنف والعنف الدموي ضدهن.
وترى المحكمة أخيرا...
ان العنف ضد المرأة هو وجه من وجوه العنف الذي يطول الإنسان والذي لابد لمواجهته من تضافر جهود كل المؤمنين بحقوق الإنسان رجالا ونساء.
محكمة النساء العربية/ بيروت/ 28-30 يونيو (حزيران) 1995
أبو باسل- إعلامي نشيط
-
عدد الرسائل : 35
تاريخ التسجيل : 11/09/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى