قتل النساء على خلفية شرف العائلة
صفحة 1 من اصل 1
قتل النساء على خلفية شرف العائلة
هذه الدراسة انجزتها المجموعة الفلسطينية لمراقبة حقوق الإنسان
السنة السادسة - العدد الثلاثون - اب 2002
قتل النساء على خلفية شرف العائلة
السنة السادسة - العدد الثلاثون - اب 2002
قتل النساء على خلفية شرف العائلة
المقدمة
يثير موضوع حقوق المرأة الكثير من الجدل في الساحة العربية، فمع أن المرأة دخلت مضمار التعليم والعمل بشكل واسع خلال السنوات الخمسين الأخيرة إلا أنها ما زالت تعاني من التمييز القائم على النوع الاجتماعي، خاصة في المجتمعات التقليدية. إذ يسود تصور تقليدي في التعامل مع المرأة وحقوقها، وينظر إليها على أنها أدنى من الرجل وأقل حقوقا منه حيث يستند ذلك إلى تراث كبير من العادات والتقاليد والأعراف. وبالرغم من أن المرأة العربية استطاعت الحصول على بعض الحقوق بعد صراع طويل خلال النصف الثاني من القرن الماضي ، إلا أن هناك مظاهر عنف وتمييز واضح تجاهها. ومن أبرز هذه المظاهر في المجتمع العربي هو قتل النساء على خلفية الشرف، فالقتل على خلفية الشرف يعتبر جريمة وهي من الظواهر التي تهدد تماسك المجتمع وتقف عائقا في طريق تقدم المرأة في المجتمع.
ومن الضروري الاعتراف بخطأ استخدام مصطلح القتل بدافع الشرف حيث أنه يعكس إعطاء مبرر للجاني وفي الوقت ذاته إدانة المجني عليها دون إعطائها الفرصة للدفاع عن ذاتها. لذلك تقترح الأدبيات النسائية استخدام مصطلح جريمة قتل النساء على خلفية الشرف (أنظر/ي خضر، 1999،ص18،عبده،1999،ص18 وزغبابة،1998،ص1). فالتعريف الاجتماعي المتعارف عليه تقليديا لمفهوم القتل على خلفية الشرف يتعلق فقط بالمرأة، فالمرأة التي تقيم علاقة مع رجل خارج مؤسسة الزواج يبرر قتلها حفاظا على شرف العائلة. فالشرف هو أحد القيم الاجتماعية المحورية التي تؤكد أبوية المجتمع العربي ودونية المرأة فيه، وهو كجميع القيم الاجتماعية يحدد كل مجتمع معناه بما يتفق مع مصلحته التي تتغير بتغير ميزان القوى فيه. فالقوى الغالبة في المجتمع أو الطبقة الأقوى هي التي تحدد هذا المعنى بما يتفق مع مصلحتها (أنظر/ي الزيات،1993،ص66،وعبده،1999،13). ومن هنا نجد الازدواجية في مفهوم الشرف، حيث تغييب المعاني السامية للشرف كالعزة والعلو ويقصر المفهوم على جسد المرأة وغشاء البكارة. حيث يصبح شرف المرأة ملكا للرجل ولا تلعب المرأة فيه إلا دور الوسيط الصامت، فيصبح الرجل مسؤولا عن سلوك المرأة واحتشامها. فالتقاليد والعادات الاجتماعية أدت إلى عزل المرأة جسديا ومكانيا في المنزل وفرض عليها الاحتشام من أجل حماية شرف الرجل، فالمرأة الشريفة امتداد للرجل الشريف. ومن هنا يكون جسد المرأة هو المحور الرئيسي في هذه المعادلة للحفاظ على الشرف لأنه وسيلة لإنجاب أعضاء جدد للعائلة واستمراريتها. فاعتبر جسد المرأة ملكا لزوجها والحفاظ عليه هو الوسيلة الوحيدة لضمان عدم اختراق الحدود بين العائلات، والحفاظ على العائلة كوحدة للتكوين الاجتماعي، فالعائلة عامة والرجال خاصة هم المسؤولون عن شرف المرأة (التركي وزريق،1995: 104).
يعتبر قتل النساء على خلفية الشرف أحد أشكال التمييز وانتهاك حقوق الإنسان ضد المرأة بشكل خاص، فهي ظاهرة موجودة في العديد من المجتمعات منها المجتمع العربي. وهي لا تعدو كونها ردة فعل لعدة عوامل اجتماعية ونفسية وبيئية وتربوية واقتصادية وثقافية وغيرها. فقيمة الإنسان رجلا أو امرأة تتحدد حسب قدرته على العمل الخلاق والحب الحقيقي وليس حسب ما يملك من ثروة أو سلطة أو انتمائه الطبقي. علاوة على ذلك فدور الإنسان في المجتمع يتحدد حسب قدراته الفكرية وكونه عنصرا فاعلا ومؤثرا وليس حسب كونه ذكرا أو أنثى، وبذلك تكون قدرة الإنسان القادر على تطوير مجتمعه والوصول به إلى الأفضل هي التي تحدد قيمته (السعداوي، 1977، ص32). وقتل النساء على خلفية الشرف هو جريمة يرتكبها رجل بحق امرأة تربطه بها صلة قرابة من الدرجة الأولى، ويكون الدافع للجريمة كما تعرفه المفاهيم الاجتماعية سواء كانت قتلا أو إيذاء الدفاع عن الشرف. أما السلوك الذي يعتبر ماسا بالشرف فهو ينطوي على اتصال جنسي غير مشروع يجلب العار على العائلة وفقا للعادات والتقاليد في المجتمع (أنظر/ي خضر، 1999، ص8 وزغبابةه،1998،ص 1).
المجتمع الفلسطيني جزء من المجتمع العربي، ولا يختلف وضع المرأة الفلسطينية فيه عن وضع المرأة العربية عامة. فالمجتمع الفلسطيني كغيره من المجتمعات الأبوية التقليدية الحديثة، يعتمد استخدام القوانين غير المكتوبة من عادات وتقاليد وأعراف لحفظ كيانه وشرعيته، مستعملا بذلك شتى أساليب القمع والإرهاب الاجتماعي لتكريس دونية المرأة. وأيضا، الظروف التي تعرض لها المجتمع الفلسطيني من نكبة وتهجير ونزوح وفقدان الأرض أدى إلى تشبثه بالعادات والتقاليد المجتمعية (عبده، 1999،ص 25).
فظاهرة قتل النساء على خلفية الشرف موجودة (من خلال حالات معرفة من مراكز نسوية، شرطة، صحافة...الخ) في المجتمع الفلسطيني كغيره من المجتمعات الشرقية الأخرى. فهي جريمة تميز ضد نوع اجتماعي دون الآخر ألا وهو النساء، وهن جزء أساسي ومهم ويشكل نصف المجتمع. ومع أن هذه القضية كانت موجودة في المجتمع الفلسطيني منذ زمن، إلا أنها كانت مغيبة ضمن الواقع الذي عاشته البلاد من احتلال وانتفاضة حيث غلب الاهتمام بالقضايا السياسية على الاهتمام بالقضايا الاجتماعية. ومع بداية الاستقرار السياسي بعد توقيع معاهدات السلام سنة 1993 تكشفت هذه القضايا بشكل واضح بسبب انتشار المراكز النسوية واهتمامها بقضايا العنف الموجه ضد النساء، والتي بادرت بإقامة ورشات عمل وبعض الدراسات القيمة التي تتعلق بهذا المجال.
فدراسة هذا الموضوع تنبع من تجدد الظاهرة في المجتمع الفلسطيني وانتشارها. فارتأينا في المجموعة الفلسطينية لمراقبة حقوق الإنسان أهمية دراسة هذا الموضوع للوقوف على نظرة المجتمع لهذه الظاهرة، وكيفية التعامل معها.
أبو باسل- إعلامي نشيط
-
عدد الرسائل : 35
تاريخ التسجيل : 11/09/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى