المـنـتـدى الإعــلامـي لـنـصرة قـضـايـا الـمـرأة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الخطاب الإعلامي لحركة حقوق الإنسان يحتاج إلي إعادة تقييم

اذهب الى الأسفل

الخطاب الإعلامي لحركة حقوق الإنسان يحتاج إلي إعادة تقييم Empty الخطاب الإعلامي لحركة حقوق الإنسان يحتاج إلي إعادة تقييم

مُساهمة من طرف Admin السبت سبتمبر 15, 2007 1:41 pm

الخطاب الإعلامي لحركة حقوق الإنسان
يحتاج إلي إعادة تقييم

محمد بسيوني
رئيس تحرير مجلة حقوق الإنسان



مع بداية التسعينيات من القرن العشرين نشأت وتطورت حركة حقوق الإنسان فى مصر كماً وكيفاً.
فبعد أن كان نشاط هذه الحركة متمثلاً فى منظمة وحيدة هى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التى تولت مهمة التبشير بمبادىء وثقافة حقوق الإنسان والتصدى لانتهاكات حقوق الإنسان وكشفها وتوثيقها وإحاطة الرأى العام بها، فقد عرفت التسعينيات نمواً ملحوظاً فى بناء مؤسسات حقوق الإنسان واتجاه معظمها إلى دخول مجالات جديدة لم تكن تقوى منظمة وحيدة مهما بلغت طاقاتها أن توفى بمتطلباتها.
عرفت حركة حقوق الإنسان فى هذا الإطار درجات أعلى من التخصص بنشأة المؤسسات الجديدة التى اتجه بعضها إلى تركيز نشاطه على المساعدات القانونية والقضائية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وأولى البعض الآخر جانباً أساسياً من اهتماماته بالتدريب وتعليم حقوق الإنسان، واختصت مؤسسات أخرى بدراسة وبحث الإشكاليات الثقافية والسياسية والاجتماعية التى تقف عائقاً أمام تأصيل ثقافة حقوق الإنسان، وانطلق آخرون لتركيز نشاطهم فى مجال الحقوق الاقتصادية والسكن، واهتموا بالحقوق النقابية والعمالية بينما اتجه البعض الآخر إلى التصدى لقضايا المرأة والبيئة والصحة، أو بالانتهاكات داخل السجون، وبتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومكافحة الألغام الأرضية وبالدفاع عن نشطاء حقوق الإنسان ومعالجة مشكلات العاملين فى هذا المجال. ومع هذا الاتساع المتزايد فى الانشطة الانسانية غير الحكومية يكتسب الحديث عن الأداء الإعلامى لمنظمات حقوق الإنسان أهمية خاصة فى ظل عدد من الاعتبارات

أولها أن الأداء الإعلامى يشكل وسيلة حيوية لدى حركة حقوق الإنسان داخل المجتمع تؤمن لها حماية حقيقية فى ظل الموقف الأصيل لأجهزة الدولة المعادى لحركة حقوق الإنسان والرافض لإضفاء المشروعية عليها والمتحفز دائماً لاختيار اللحظة المناسبة للانقضاض على هذه الحركة وتصفيتها إن أمكن.

ثانى هذه الاعتبارات: أن الأداء الإعلامى وخاصة فى الجوانب المتعلقة برصد ومراقبة انتهاكات حقوق الإنسان يمكن أن يشكل رأى عام ضاغط على مؤسسات الدولة لوقف هذه الانتهاكات أو تحجيمها.
ثالثاً: أن الأداء الإعلامى يشكل بدوره عنصراً هاماً ليس فقط فى مواجهة الإعلام الحكومى المضاد بل أيضاً فى مواجهة هواجس وشكوك فئات يعتد بها داخل النخب السياسية والمثقفة التى تنطلق من الربط بين ثقافة حقوق الإنسان واعتبارها نتاج للثقافة الغربية وبين مواقفهم التاريخية المعادية للغرب، ويعزز من هذه الهواجس اتجاه عشرات ممن انخرطوا فى الحركة الوطنية قبل سنوات مضت إلى العمل فى مجال حقوق الإنسان أو العمل الأهلى عموماً، وقيام العديد منهم بتأسيس مؤسسات جديدة اعتماداً على التمويل الغربى بكل ما يعنيه لديهم من معانى الاختراق، والإفساد واستبدال الأجندة الوطنية بالأجندة الغربية.. والولاء للغرب وغيرها من الاتهامات التى حملتها كتابات عديدة يصعب اتهام أصحابها بأنهم من الموالين للحكومة حتى وإن صبت هذا الاتهامات فى نهاية المطاف فى خدمة الحكومة.

الأدوات الإعلامية لمنظمات حقوق الإنسان:
تبنت حركة حقوق الإنسان منذ وقت مبكر وبالتحديد منذ أواخر الثمانينات الآليات الإعلامية المتعارف عليها فى الحركة العالمية لحقوق الإنسان، فى إعلام الرأى العام بمواقفها من التطورات الجارية فى مجال حقوق الإنسان وبنتائج رصدها لانتهاكات حقوق الإنسان فى المجتمع وبرزت فى هذا الإطار آليات البيانات الصحفية والنداءات العاجلة التى تعالج موقف المؤسسة من حدث بعينه. والتقارير النوعية التى تعالج ظاهرة معينة على مدى زمنى طويل نسبياً ومثال ذلك التقارير التى تصدر بشأن التعذيب وسوء المعاملة داخل السجون أو اقسام الشرطة او ظاهرة العنف، او مظاهر انحراف البنية التشريعية فى مصر، أو مصادرة الحق فى تكوين الأحزاب، وظاهرة احالة المدنيين للمحاكم العسكرية، والتقارير التى تكشف إهدار ضمانات الحيدة والنزاهة فى الانتخابات التمثيلية أو النقابية، والتقارير الشاملة التى تعالج أوضاع حرية الصحافة وحرية التعبير عموماً..واحوال المرأة والطفل وغيرها. والتقارير السنوية وتقارير النشاط،
وقد كانت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان السباقة ـ بحكم النشأة ـ حيث بدأت المنظمة منذ عام 1990 بإصدار تقريرها السنوى عن حالة حقوق الإنسان فى مصر، متضمناً قسماً خاصاً بنشاط المنظمة خلال العام.
ثم بدأت هذه الآلية تعرف طريقها إلى مؤسسات أخرى بإصدار تقارير نصف سنوية حول أوجه نشاطها المختلفة مع رؤية موجزة لأوضاع حقوق الإنسان وتطورت الفكرة عام 1997 بالمضى فى إعداد تقرير سنوى شامل صدر فى يونيو 1998،
كما بدأ المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة فى اصدار تقرير سنوى يركز بالأساس على التطورات وثيقة الصلة بمجالات عمله،
كما أصدر مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف مؤخراً تقرير بنشاطه بعد أربعة سنوات من تأسيسه. كما استخدمت هذءه المؤسسات آلية النشرات أو المجلات الإعلامية شبه الدورية والتى تقدم للقارىء الملامح البارزة لأنشطة المؤسسة وفعالياتها المختلفة ونشاطها اليومى ومعالجات سريعة لبعض القضايا الملحة ومنها مجلة "حقوق الإنسان" للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، "مساعدة" لمركز المساعدة القانونية لحقوق الإنسان "سواسية" لمركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، "نشطاء" للبرنامج العربى لنشطاء حقوق الإنسان. واستخدمت آلية الحلقات النقاشية التى تستهدف بلورة مواقف مشتركة من منظور حقوق الإنسان بين الفعاليات المهمومة بالقضية موضوع المناقشة. وغالبا ما تكون هذه الآلية محل اهتمام وسائل الإعلام والصحف فى متابعة موقف مؤسسات حقوق الإنسان والأطراف المشاركة من مثل هذه القضايا. وآلية الحملات والتى تنطوى على اختيار قضية أو ظاهرة محددة موضوعا للنشاط المكثف بأشكاله المختلفة على مدار فترة زمنية محددة بهدف إنجاز اهداف قابلة للتحقق من وجهة نظر الأطراف المتبنية لهذه الحملة التى يفترض أن تسمح بعمل مشترك بين فعاليات مختلفة لإنجاز تلك الأهداف التى قد تتمثل فى حدها الأدنى فى اسقاط قانون أو تعديل بعض نصوصه، وربما كانت أبرز الأمثلة على ذلك حملة المنظمة المصرية فى عام 1994 من أجل وضع حد لظاهرة التعذيب والتى نجحت فى فرض هذه القضية على جدول أعمال مجلس الشعب وتقدم عدد من النواب باستجوابات فى هذا الشأن وفرضت المنظمة نفسها على شاشات التليفزيون والصحف القومية والمعارضة، وسمح وزير الداخلية آنذاك ـ فى سابقة لم تتكرر ـ لمنظمة مراقبة لحقوق الإنسان بزيارة عدد من السجون المصرية، كما يشار أيضا إلى الحملة التى تبناها مركز المساعدة لتحسين حالة عدد من السجون المصرية والحملة التى تبناها مركز المساعدة القانونية لحقوق الإنسان من أجل إسقاط قانون اغتيال الصحافة رقم 93 لسنة 1995. وتضمنت آليات الحملة عدد من الدراسات والتقارير واجتماع عدد من الخبراء فى ثلاثة ورش للعمل من أجل اعداد مشروع قانون متكامل لتنظيم الصحافة فى مصر وتوثيق الصلات والتنسيق مع الجهود الموازية لنقابة الصحفيين. وإحقاقا للحق ينبغى الإقرار بأن هذه الحملة ما كان لها أن تحقق بعض نجاحاتها الجزئية إلا فى ظل الموقف الرائع لجموع الصحفيين الذين استمرت جمعيتهم العمومية فى حالة انعقاد شبه دائم لمدة عام فى مواجهة هذا القانون.

واستخدمت المؤسسات المعنية بحقوق الآنسان آلية اعلامية أخري وهي آلية الإعلام المحلى الدولى: والتي تستهدف إحاطة الرأى العام الدولى بكافة المستجدات فى ساحة حقوق الإنسان المصرية سواء من خلال مخاطبة المنظمات الدولية والهيئات التابعة للأمم المتحدة مثل لجان حقوق الإنسان واليونسكو ومنظمة العمل الدولية والمقررين الخاصين بحقوق الإنسان، والصحف ووكالات الأنباء الأجنبية ونشر الرسالة الإعلامية عبر صفحات الإنترنت، وعقد اللقاءات مع ممثلى المنظمات الدولية والدبلوماسيين الأجانب. ويكتسب هذا الجانب من النشاط الإعلامى أهمية خاصة فى ظل التعامل مع حكومة محلية لا يضيرها كثيراً حملات الاحتجاج بالداخل بقدر ما يؤرقها ضغوط الخارج ومساءلتها أمام المحافل الدولية. وفى هذا الإطار يشكل التواجد فى تلك المحافل وإعداد الردود المناسبة على تقارير الحكومة بشأن التزامها بأحكام الاتفاقيات الدولية عنصراً هاماً فى كشف الادعاءات الحكومية وتهيئة السبيل للجان المختصة بالأمم المتحدة فى التوصل إلى تقييمات موضوعية بشأن اوضاع حقوق الإنسان فى البلاد. وقد لا يقف الأمر عند حد إحراج الحكومة وإنما بحث جهات دولية على إيفاد بعثات للمراقبة أو بتعيين مقرر خاص لحقوق الإنسان فى هذا البلد أو ذاك، ويجدر الإشارة هنا إلى تحقيق بعض النجاحات. وربما كان من أبرز الأمثلة على ذلك الحملة الإعلامية التى نظمتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان فى أعقاب اعتقال عدد من قيادتها واعضائها مع عشرات من الأشخاص بعد اضراب عمال الحديد فى اغسطس 1989، كما يمكن القول أن النشاط الإعلامى فى الداخل والخارج لمواجهة مشروع القانون الجديد الذى يستهدف تأميم العمل الأهلى قد أسفر عن قبول وزارة الشئون الاجتماعية لأول مرة إجراء حوار مع منظمات حقوق الإنسان حول المشروع، وتعطل المشروع لفترة طويلة نتيجة الرفض الذى ابدته منظمات حقوق الإنسان له. وربما أمكن القول بأن الأداء الإعلامى لمنظمات حقوق الإنسان قد كفل لها على المستوى الدولى دعماً حقيقياً مكنها من الصمود طوال هذه السنوات فى مواجهة مخططات التصفية أو الاحتواء على الرغم من أن هذه المنظمات لم تحصل على دعم بذات الوزن من الداخل فى ظل حالة الحصار التى تعيشها مؤسسات المجتمع المدنى والهواجس والشكوك التى تثيرها بعض أقسام النخبة حول دور ومؤسسات حقوق الإنسان والإشكاليات الثقافية التى تقف عائقاً أمام نشر ثقافة حقوق الإنسان التى تجعل أقساماً من النخبة تتعامل مع قضايا حقوق الإنسان وحركة حقوق الإنسان بشكل انتقائى يكشف عن انتهازية سياسية.



يتبع
Admin
Admin
المحرر المسئول
المحرر المسئول

عدد الرسائل : 57
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

http://montada.ephpbb.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الخطاب الإعلامي لحركة حقوق الإنسان يحتاج إلي إعادة تقييم Empty رد: الخطاب الإعلامي لحركة حقوق الإنسان يحتاج إلي إعادة تقييم

مُساهمة من طرف Admin السبت سبتمبر 15, 2007 1:41 pm

الخطاب الإعلامى لمنظمات حقوق الإنسان وضوابطه
يعتمد بناء مصداقية مؤسسة حقوق الإنسان على مدى تمسك خطابها الإعلامى ـ وبخاصة فيما يتعلق بالتقارير والبيانات الصحفية والمواقف المعلنة ـ بالمرجعية العالمية لحقوق الإنسان التى تشكل الدستور الأساسى لهذه المنظمات وهو ما يؤمن لها درجة عالية من الحيادية والنزاهة فيما تتبناه من مواقف وتقييمات بعيداً عن أية إنحيازات سياسية مسبقة. كما أن قدرة هذه المنظمات على بناء موقف إعلامى قوى يتأسس ويعتمد على قوة العبارات والصياغات والتوصيفات ونجاحها فى توثيق المعلومات التى تبنى عليها موقفها تجاه قضية أو أخرى مع تقديم رؤية القانون الدولى لحقوق الإنسان، والتدليل بمواقف مشابهة فى بعض الحالات بموقف المحاكم الأوروبية والأمريكية لحقوق الإنسان من قضايا مماثلة أو بالمبادىء ذات الصلة التى أرستها المحاكم الوطنية. ويطرح ذلك أهمية خاصة لتطوير مهارات وخبرات العاملين فى هذا الحقل فى مجال جمع المعلومات وتوثيقها واستخدامها عبر النشر كما يطرح بإلحاح على منظمات حقوق الإنسان الاضطلاع بمهام الترجمة إلى العربية والنشر لعدد واسع من الوثائق والأبحاث ذات الصلة بتطور مفاهيم القانون الدولى لحقوق الإنسان، و القيام بهذه المهمة لا يؤهل فقط العاملين بحقوق الإنسان لتطوير الرسالة الإعلامية بل الأرجح أيضا أنه سيسهم كثيراً فى تعميم هذه المفاهيم ونشرها على أوسع نطاق بين المثقفين والمشتغلين بالعمل السياسى الديمقراطى عموماً بما يسهم فى تعميق الوعى بمبادىء حقوق الإنسان.
ويدور مضمون الرسالة الاعلامية لآليات الاعلام فى منظمات حقوق الإنسان حول إثارة القضايا ومتابعتها مع اهتمام أكبر بالرد على الحملات الحكومية المتكررة على منظمات حقوق الإنسان التى ترد بتقارير بعض المنظمات الدولية.


المعوقات والمشكلات التى تواجه الأداء الإعلامى لمنظمات حقوق الإنسان
على الرغم من أن منظمات حقوق الإنسان قد طورت على مدى أكثر من عشر سنوات من نشأة حركة حقوق الإنسان ادائها الإعلامى وأظهرت قدراً عالياً من الرصانة والمصداقية والتمسك الحازم بمعايير حقوق الإنسان العالمية ولكن هذا الأداء لا يمنع من رصد العديد من المشكلات التى تعيق هذا الأداء أو تحد من فاعليته،

وتبرز أهم المشكلات فيما يلى:
الموقف الحكومى المتشدد من منظمات حقوق الإنسان والرافض للتعاون معها والذى يصنع مزيداً من العراقيل أمام العاملين فى مجال الرصد وتقصى الحقائق والحصول على المعلومات الصحيحة، وهو ما يتجلى على وجه الخصوص فى رفض الترخيص للمنظمات لإيفاد بعثات لتقصى الحقائق داخل السجون والعراقيل التى تضعها أمام المحامين العاملين بهذه المنظمات فى الاتصال بالسجناء والمعتقلين وزيارتهم فضلاً عن اغلاق السجون لفترات طويلة ومنع الأسر والمحامين من الاتصال بالنزلاء فيها، ويضاف إلى ذلك ايضا الضغوط التى تمارس على المواطنين من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان لمنعهم من الاتصال بمنظمات حقوق الإنسان والتقدم بشهاداتهم اليها واجبارهم على التنازل عن شكاواهم تجاه تعسف الشرطة كما تتعرض تحركات البعثات الخاصة بتقصى الحقائق فى أحداث العنف أو الوقائع المتصلة بمواجهات جماهيرية للعديد من أشكال الحصار والملاحقة. كذلك التعتيم الإعلامى الرسمى من خلال الصحافة القومية التى تمتنع فى معظم الأحوال عن الإشارة إلى أية مطبوعات أو أنشطة إعلامية من جانب منظمات حقوق الإنسان. والقيود الأمنية على الاجتماعات العامة والتى تحول دون خروج حقوق الإنسان من القاعات المغلقة داخل مقارها وعقد لقاءات موسعة تسمح بتوصيل رسالتها إلى جمهور أكثر تنوعاً واتساعاً.
وعلى الرغم من أن صحافة المعارضة تكاد تكون المتنفس الوحيد لإعلام منظمات حقوق الإنسان، فإن التغطية الصحفية للرسالة الإعلامية من جانب تلك المنظمات غالبا ما تخضع للانتقائية فى تلك الصحف نتيجة السياسة التحريرية أو موقف الحزب أو رئيس التحرير من القضية التى تتناولها الرسالة الإعلامية. لاحظ مثلا ان صحيفة "الوفد" التى تمثل لسان حال الحزب الليبرالى كانت اقل صحف المعارضة اهتماما بقضية "نصر حامد أبو زيد" كما ان حملتها المكثفة في عام 1997 ضد ما سمى بالصحف الصفراء جعلها لا تري الدلالات الخطيرة للهجمة على حرية الصحافة سواء من خلال قانون الشركات المساهمة أو مسلسل حبس الصحفيين أو مصادرة عدد من الصحف المصرية والأجنبية ومنع الطبع للصحف فى المناطق الحرة.
وفى هذا السياق لم يكن غريباً أن تحجب الصحيفة عن النشر موقف منظمات حقوق الإنسان من تلك القضايا. يضاف إلى ذلك أن صحف المعارضة قد ساهمت إلى حد بعيد ـ رغم إحتفائها بنشاط منظمات حقوق الإنسان فى كثير من المناسبات ـ فى تقديم صورة ضبابية حول دور هذه المنظمات من خلال حملات تشهير شارك فيها بعض الصحفيين ووصلت إلى حد الطعن فى الانتماءات الوطنية للقائمين على هذه المنظمات، ولم تعر التفاتا للعديد من الكتابات المنشورة فى بعض دوريات حقوق الإنسان رداً على الاتهامات التى تطول العاملين فى هذا المجال. وبخاصة ما يتعلق منها بإشكاليات التمويل والعلاقة مع الغرب. وقد يصل الأمر إلى حد إرهاب العاملين بهذا المجال بالتلويح بتهم التخابر وامداد السفارات الاجنبية بالمعلومات، متجاهلة بذلك ان ما يتم بثه للخارج من معلومات هو فى الاصل معلومات تنشرها المنظمات بالداخل، ويشكل معظمها مادة اساسية فى صحف المعارضة التى غالباً ما تكون مصدراً أصلياً لها ومتجاهلة بذلك أيضا ما ينادى به صحفيو المعارضة بل والحكومة أيضا من ضرورة رفع القيود على حق تداول المعلومات ومتجاهلة بذلك أيضا أن قضايا حقوق الإنسان لم تعد شأناً داخلياً يجوز للحكومات التذرع به للحيلولة دون مساءلتها أمام المجتمع الدولى حول ما تمارسه من انتهاكات. ومتجاهلة بذلك أيضاً ان تطور القانون الدولى لحقوق الإنسان قد اسبغ المشروعية على حق الأفراد فى التقدم بشكواهم للجان حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وأعطى للمنظمات غير الحكومية الحق فى التدخل لدى الهيئات والتعليق على التقارير الحكومية بل إن الأمم المتحدة دعت الحكومات إلى ضرورة استشارة وإشراك المنظمات غير الحكومية فى إعداد هذه التقارير. هناك أيضا مشكلات تتصل بحركة حقوق الإنسان ذاتها فرغم أهمية التوسع الكمى والنوعى الذى عرفته الحركة فى السنوات الأخيرة، إلا أن هذا التوسع ادى الى نوع من التداخل فى بعض أنشطة المنظمات وأسهم فى خلق حالة من التنافس قد تكون مفيدة لتجويد الأداء لكنها قد تضر به فى أحيانا أخرى إذا ما تركز هذا التنافس على الشق الإعلامى الأمر الذى قد يدفع إلى تغليب عامل السرعة فى إعلان المواقف وبثها دون مراعاة الدقة فى المعلومات والجودة فى صياغتها والتأكد من سلامة الموقف واتساقه مع مبادىء حقوق الإنسان، كما أن الرغبة فى التواجد والنجومية الاعلامية على الساحة لدى بعض نشطاء حقوق الإنسان ربما يقف دافعا لتبنى آليات إعلامية كالحملات مثلا دون تخطيط مسبق لها ودون حساب دقيق لإمكانية مشاركة أطراف أخرى فيها وهو ما أضعف هذه الآلية وابتذالها عمليا. حيث غالبا ما يقتصر على إعداد بوستر وفى أحسن الأحوال بعض البيانات الروتينية. إن حركة حقوق الإنسان ليست معزولة عن المحيط الذى نتعامل فى إطاره والذى يعانى بدوره من إحباطات مستمرة فى ظل العجز عن إحداث إصلاحات سياسية وديموقراطية وامتناع السلطات عن التجاوب مع أية مطالب للاصلاح الديموقراطى ويؤدى ذلك الى عزوف الكثيرين عن المشاركة فى العمل العام.
وينعكس ذلك بدوره على عديد من الأنشطة الإعلامية لمنظمات حقوق الإنسان التى لا تجد تجاوبا فعالا من المجتمع المدنى، وهو ما يخلق بدوره حالة من الإحباط داخل هذه المنظمات تؤدى إلى قتل روح الحماس والابتكار، وفى ظلها فإن بعض الأنشطة الإعلامية تصبح شكلية وهو ما يبرز على وجه الخصوص فى بعض الحلقات النقاشية التى لا تجد إقبالا على المشاركة فيها وتتكرر فيها ذات الوجوه النشطة وهو ما يجعل الرسالة الإعلامية فى الغالب الأعم محصورة فى أناس لا تقدم لهم هذه الرسالة جديداً. وعلى الرغم من الشجاعة التى يتسم بها الخطاب الإعلامى لمنظمات حقوق الإنسان فان تنامى ضغوط التيار الإسلامى بأجندته المعادية لحقوق الإنسان ـ فى الأغلب ـ أو شيوع الإرهاب الفكرى بالتكفير أو التخوين من جانب بعض أقسام التيار الإسلامى والتيارات السياسية الأخرى يحد من فاعلية تأثير خطاب حقوق الإنسان إن لم يجعل هذا الخطاب متحفظاً فى بعض القضايا التى قد يثور حولها التعارض بين ضمانات حقوق الإنسان ومواقف القوى السياسية من القضايا الوطنية. وبصفة عامة نرى ان النشاط الاعلامى لمنظمات حقوق الانسان المتنوع والمتدفق قد حقق نجاحات جزئية سواء فى نشر ثقافة حقوق الإنسان أو فى رصد الانتهاكات، وربما جاز القول أن تميز الخطاب الحقوقى وصرامته وانسجامه إلى حد كبير مع معايير حقوق الإنسان العالمية قد دفع التيارات السياسية المختلفة إلى تضمين هذا الخطاب بصورة واضحة فى برامجها بل ربما أفضى الى نوع من التغيير فى خطاب الحكومة ذاتها التى اصبحت اكثر حرصا على الاستعانة بمفردات حقوق الانسان فى خطابها، ولا ينفى ذلك بالطبع ان ما تنشده منظمات حقوق الانسان من تطور وتحسين حقيقى في وضعية حقوق الانسان مازال بعيد المنال.

كيفية تطوير الاداء الاعلامى لمنظمات حقوق الإنسان:
هناك مجموعة من الاقتراحات لتطوير أداء حقوق الانسان وخاصة الشق الاعلامى فى مقدمتها:
1- ضرورة الاشتباك مع التقارير الحكومية المقدمة للجان حقوق الانسان الدولية وهو ما لم يحدث الا فى عام 1993، عندما تقدمت المنظمة المصرية بتقارير مضادة لتقارير الحكومة امام اللجنة المعنية بحقوق الانسان ولجنة مناهضة التعذيب بالامم المتحدة. قد يكون من المفيد هنا إعداد مثل هذه الردود بصورة مشتركة بين المنظمات المعنية بالقضايا التى يطرحها التقرير الحكومى.
2- حرص منظمات حقوق الإنسان على أن تقدم للرأى العام تقريرا دوريا بمجمل نشاطها يمكن على أساسه التقييم الموضوعى للأدوار التى تلعبها هذه المنظمات.
3- عدم التعالى على الانتقادات والاتهامات التى تتناقلها وسائل الإعلام الحكومية والحزبية حول منظمات حقوق الإنسان. ويقترح فى هذا الإطار إصدار كتيب إعلامى يشارك فى إعداده أكبر عدد من هذه المنظمات لتفنيد هذه الاتهامات والرد عليها، كما يمكن فى هذا الاطار تجميع كافة المواقف المعلنة من منظمات حقوق الإنسان سواء على المستوى المحلى أو من خلال مشاركتها فى المحافل الدولية لتبيان موقف هذه المنظمات فى عدد من القضايا القومية "تسوية القضية الفلسطينية، الانتهاكات الإسرائيلية، الشبكات الشرق أوسطية التى تسعى بعض الدوائر الغربية لإشراك منظمات حقوق الإنسان.
4- إبداء اهتمام أكبر بآلية البيانات الإعلامية المشتركة وخاصة فى القضايا التى تستوجب إبراز موقف جماعى لحركة حقوق الإنسان فيها.
5- مراجعة وتوسيع قوائم الإرسال لمطبوعات حقوق الإنسان لتوسيع دائرة المستفيدين من الرسالة الإعلامية.
6- البحث عن أشكال مختلفة للخروج من دائرة الحصار داخل مقار المنظمات ويندرج فى ذلك محاولات التنسيق بين بعض قيادات العمل الحزبى والنقابى لتنظيم بعض الأنشطة داخل المقار الرئيسية أو الفرعية للأحزاب والنقابات.
Admin
Admin
المحرر المسئول
المحرر المسئول

عدد الرسائل : 57
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

http://montada.ephpbb.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى