واقع المرأة في العمل التلفزيوني والإذاعي في فلسطين
صفحة 1 من اصل 1
واقع المرأة في العمل التلفزيوني والإذاعي في فلسطين
واقع المرأة في العمل التلفزيوني والإذاعي في فلسطين
"إعداد بيناز البطراوي"
"إعداد بيناز البطراوي"
مقدمة
· خصوصية الإعلام الفلسطيني.
· تطور الحركة النضالية النسوية و علاقـتها بالإعلام في فلسطين.
1. معطيات حول دور المرأة الإعلامي بعد عام 1987.
2. أهمية الإعلام المرئي و المسموع في دعم قضايا المرأة الفلسطينية.
· دور المرأة الفلسطينية في الإعلام المرئي و المسموع
1. الكفاءات المهنية و المناصب الإدارية.
2. فرص التدريب و التحصيل الأكاديمي في مجال الإعلام.
· إعلام قضايا المرأة الفلسطينية.
· الخلاصة و التوصيات
1- مقدمة
تأتي هذه الورقة في محاولة مني لتسليط الضوء على دور المرأة في الإعلام الفلسطيني، ذلك الدور الذي يعود تاريخه الى سنوات بعيدة عندما عبر العمل الإعلامي عن العمل السياسي في بعض المراحل وصولاً الى تفرغ عدد من النساء الفلسطينيات للعمل الإعلامي المهني.
أحاول في هذه الورقة ان اقدم شرحاً موجزاً عن خصوصية الإعلام الفلسطيني، لانطلق من ثم الى بدايات عمل المرأة الإعلامي، و أتدرج لأصل الى دورها الإعلامي حالياً، حيث أحاول، و لاسباب منهجية، ان استعرض هذا الدور في فترتين تاريخيتين الأولى قبل عام 1987، و الثانية بعد هذا العام الذي اندلعت فيه الانتفاضة الفلسطينية الأولى، و حتى وقتنا هذا.
و نظراً لأهمية و حداثة التجربة الفلسطينية في مجال الإعلام المرئي و المسموع، و التي أغنت دور المرأة الإعلامي، و بالمقابل أغنتها تجربة المرأة الإعلامية. استعرض أهمية الإعلام المرئي و المسموع في دعم قضايا المرأة الفلسطينية، و بالتالي النهوض بالمفاهيم الاجتماعية السائدة لتغيير النظرة النمطية للمرأة العربية. ثم اقدّم معلومات إحصائية لدور المرأة في الإعلام المرئي و المسموع و كيفية تطور الكفاءات النسوية الإعلامية من خلال زيادة فرص التحصيل الأكاديمي و التدريب المهني. ثم استعرض نماذج حول كيفية معالجة الإعلام لقضايا المرأة. و في الخلاصة أحاول عرض وجهة نظري المهنية تجاه هذه التجربة.
اعتمد في ورقتي هذه على بعض المراجع و القراءات، أهمها مسودتين لدراستين أعدتهما وزارة الإعلام الفلسطينية، و منظمة "يونيسيف". كما ان هناك قسماً كبيراً من هذه الورقة يعتمد على تجربتي الشخصية، و تجارب زميلات أخريات.
2- خصوصية الإعلام الفلسطيني
يمتاز الإعلام الفلسطيني و منذ زمن بعيد بخصوصية فرضتها الظروف الخاصة التي مر بها التاريخ النضالي الفلسطيني. حيث ارتبط العمل الإعلامي في فلسطين ارتباطاً وثيقاً بالعمل السياسي و النضالي، و تأثر بالواقع السياسي الذي عاشه الشعب الفلسطيني.
فالصحافة الفلسطينية "نشأت و تطورت عبر خمس مراحل تاريخية. تبدأ الأولى بصدور الصحف باللغة العربية في القدس في العهد العثماني سنة 1876م، و تنتهي بتوقفها في مطلع الحرب العالمية الأولى (1914). و تبدأ المرحلة الثانية بعودة الصحف الى الصدور في ظل الانتداب البريطاني (1919) و تمتد لنهاية عام 1948. و الثالثة مرحلة ما بعد النكبة و قيام الكيان الصهيوني و ضم الضفة الغربية الى المملكة الأردنية الهاشمية (1950). و تأتي المرحلة الرابعة بعد حرب 1967" (مرعشلي، 1986). اما المرحلة الخامسة فقد بدأت بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 و الذي بموجبه تم الانسحاب الإسرائيلي من المدن الفلسطينية الرئيسية، و تم إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية.
و قد اختلفت أنماط الصحف و المجلات في فلسطين خلال المراحل الخمسة، فقد انتشرت الصحف و المجلات السياسية و الأدبية و الاقتصادية و الاجتماعية و الفنية، و تلك التي تهدف الى التسلية. و قد تميزت كل مرحلة عن الأخرى في نوعية و كمية الصحف و المجلات الصادرة، و اختلاف الأقلام الصحافية التي كانت تكتب في تلك المراحل.
اما على صعيد الإذاعة فقد كانت هناك إذاعتان الأولى "هنا القدس" و التي تم إنشاؤها عام 1936، و الثانية إذاعة "الشرق الأدنى" و التي أنشئت في أوائل الأربعينات. الا ان هاتين الإذاعتين توقفتا عن العمل في فلسطين بعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948. و لم تسمح إسرائيل بإنشاء إذاعة فلسطينية حتى عام 1993.
و فيما يتعلق بالتلفزيون، فلم يكن هناك أي محطة تلفزيونية فلسطينية، و لا تذكر الدراسات التاريخية سبباً لذلك. اما الإنتاج التلفزيوني و السينمائي، فقد كانت هناك العديد من الأعمال التلفزيونية و السينمائية و التي أخذت طابعاً توثيقياً في اغلب الأحيان. و قد ظل هذا الوضع على ما هو عليه الى ما بعد توقيع اتفاق أوسلو و الذي ُسمح بموجبه للفلسطينيين إقامة "سلطة للإذاعة و التلفزيون" و التي سميت فيما بعد "هيئة الإذاعة و التلفزيون الفلسطينية" (بطراوي، 2001).
و لعل ابرز مرحلتين أود التركيز عليهما، هي المرحلة الرابعة و الخامسة. فمنذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية و قطاع غزة عام 1967، وقعت الصحافة الفلسطينية أسيرة لقمع الاحتلال الإسرائيلي المتمثل في فرض قيود حديدية على حرية الرأي و التعبير، و التي تجلت في فرض الرقابة العسكرية الإسرائيلية على جميع الصحف الفلسطينية التي كانت تصدر في القدس، حيث لم تسمح سلطات الاحتلال الإسرائيلي إصدار الصحف و المجلات في الضفة الغربية و قطاع غزة. و لم تقف إسرائيل عند هذا الحد، بل ذهبت الى منع توزيع بعض هذه الصحف و المجلات في مدن الضفة الغربية و قطاع غزة، و كانت تقوم باعتقال من توجد بحوزتهم هذه المطبوعات. و بالطبع منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إقامة محطة إذاعية او تلفزيونية فلسطينية داخل الأراضي المحتلة، و كان الفلسطينيون يستقون أخبارهم من إذاعات الدول العربية المجاورة، و الإذاعة الإسرائيلية التي تبث برامج باللغة العربية. إضافة الى ان سكان بعض المناطق استطاعوا التقاط موجات إذاعة الثورة الفلسطينية. اما تلفزيونياً، فقد كان الفلسطينيون داخل الأراضي المحتلة يشاهدون البث التلفزيوني من الدول العربية المجاورة إضافة الى بث التلفزيون الإسرائيلي و الذي يبث برنامجاً يومياً لمدة ساعة باللغة العربية يتخلله نشرة أخبار مدتها نصف ساعة. فالفلسطينيون "في الضفة الغربية و قطاع غزة كان باستطاعتهم مشاهدة التلفزيون الأردني بقناتيه الأولى و الثانية، كما كان بإمكان سكان قطاع غزة مشاهدة التلفزيون المصري، و بعض سكان شمال الضفة الغربية و وسطها التقطوا بث التلفزيون السوري" (بطراوي، 2001).
حالياً و في مرحلة ما بعد توقيع اتفاق أوسلو، و إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية التي قامت بإنشاء وزارة للإعلام، يمكن القول ان الوضع الإعلامي في فلسطين قد تطور تطوراً ملحوظاً، و لم يقتصر هذا التطور على الصحافة المكتوبة فحسب، بل في مجالي المرئي و المسموع على حد سواء. فقد "أصدرت وزارة الإعلام في فلسطين، و منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية، اكثر من 122 ترخيصاً(80 لمجلات و 42 لصحف) صدرت لأفراد و أحزاب و مؤسسات غير حكومية أخرى لإصدار صحف يومية او مجلات أسبوعية او شهرية او ربع سنوية" (الخطيب، 2001). و يوجد الان في فلسطين 31 محطة تلفزة محلية خاصة إضافة الى تلفزيون فلسطين الحكومي و قناة فلسطين الفضائية. كذلك يوجد 14 إذاعة محلية خاصة تبث برامجها على موجات FM إضافة الى إذاعة "صوت فلسطين" البرنامج الأول الذي يبث برامجه من مدينة رام الله، و البرنامج الثاني الذي يُبث من غزة (بطراوي، 2001).
على الرغم من صدور هذا العدد الكبير من التراخيص للمجلات و الصحف، الا ان بعضها قد توقف عن الصدور، و البعض الاخر يصدر بشكل غير منتظم. و المنتظم منها فيصدر اما يومياً او اسبوعياً او شهرياً فهناك "ثلاث صحف يومية هي "القدس"، "الأيام" و "الحياة الجديدة"، و ثلاث صحف أسبوعية كلها ناطقة باسم أحزاب فلسطينية، و سبع مجلات فلسطينية شهرية (ترفيهية، سياسية موالية للمعارضة او موالية للحكومة) و أربع ملاحق متخصصة توزع شهرياً او نصف شهرياً – غالباً مع صحيفة "الأيام" – لكنها مستقلة عنها من حيث التحرير و التمويل" (الخطيب، 2001) من ضمنها ملحق متخصص في شؤون المرأة الفلسطينية هو ملحق "صوت النساء".
اما فيما يتعلق بالإعلام المرئي و المسموع، فإنني سآتي عليه بالتفصيل في بند لاحق
يتبع
رد: واقع المرأة في العمل التلفزيوني والإذاعي في فلسطين
3- تطور الحركة النضالية النسوية و علاقتها بالاعلام في فلسطين
لعبت المرأة الفلسطينية دوراً نضالياً هاماً في التاريخ الفلسطيني حيث كانت و لا زالت جزءاً لا يتجزأ من المقاومة الشعبية الفلسطينية التي لعبت دوراً هاماً في العشرينات لمناهضة الانتداب البريطاني. وكان القطاع النسوي ضمن الأطر المشاركة " (عساف،2001). و لعل ابرز النشاطات النسوية كان تشكيل أول اتحاد نسائي فلسطيني عام1921 ومن مؤسساته زليخة الشهابي وكاميليا السكاكيني. و كان أيضاً في تلك الفترة انعقاد المؤتمر النسوي الأول في القدس في 26/10/1929 و بمشاركة 300 امرأة حيث اعتبر هذا المؤتمر "الخطوة الأولى لتأطير الحركة النسوية، وكان هدف المؤتمر هو تنظيم الحركة النسوية وتوسيع المشاركة النضالية لها بالإضافة لمسؤولياتها الاجتماعية، كمساعدة أسر الشهداء والجرحى والمعتقلين" (عساف، 2001).
لم يقتصر دور المرأة في تلك الفترة على العمل السياسي فحسب، بل خاضت المرأة الفلسطينية دوراً نضالياً على الصعيد الاجتماعي لاحقاق حقوقها الاجتماعية المسلوبة، الا ان هذا الدور لم يبرز حيث غلب الجانب السياسي على الاجتماعي نتيجة للظروف السياسية التي اتسمت بها تلك المرحلة.
في خضم هذه الظروف، كان لا بد من ان تنشأ جمعيات نسوية تمزج في عملها بين السياسي و الاجتماعي، حيث اتخذت جمعيات المرأة طابعاً خيرياً، ليكون غطاءً لعملها السياسي. و من هذه الجمعيات على سبيل المثال، جمعية السيدات العربيات التي أنشئت في القدس عام 1928 و التي "اختارت أهدافها بتوجيه سياسي و اجتماعي على حد سواء، استجابة للحاجة الماسة للمشاركة الشعبية و تدعيم الوحدة الوطنية" (عساف، 2001).
وامتد هذا الدور السياسي والاجتماعي الى المرحلة التي تلتها، من منتصف الثلاثينات الى منتصف الأربعينات و التي اتسمت "باندماج الحركة النسائية في الحركة الوطنية الثورية المسلحة ونقل القضية الى المستويين العربي والدولي" (الهندي، 1995).
فعلى الصعيد السياسي نشطت في تلك الفترة الجمعيات النسائية في مجال جمع التبرعات لأسر الشهداء وشراء السلاح والذخيرة وحياكة ملابس الثوار وكانت النساء تعقد الاجتماعات سراً في البيوت. وفي المجال العسكري كانت النساء تنقل الأسلحة الى الثوار عبر الجبال وتنقل المؤن والثياب على ظهور البعير. ومن مناضلات تلك المرحلة "الشهيدة فاطمة غزال, وطرب عبد الهادي, ميمنة عز الدين القسام, نبيهة ناصر و عقيلة البديري" (الهندي, 1995).
أما اعلامياً، فقد اخذ العمل الإعلامي شكلاً غير مباشر اذ تمثل في عرض القضية الفلسطينية في المحافل العربية و الدولية. فعلى الصعيد العربي تم تفويض السيدة هدى شعراوي لطرح القضية الفلسطينية على مائدة البحث في المؤتمرات العربية. اما على الصعيد الدولي فقد أرسلت لجنة السيدات العربيات في القدس كتاباً الى مؤتمر السلم العالمي في بروكسل طالبن فيه بوقف الهجرة اليهودية واقامة حكومة وطنية في فلسطين. و قد برز في تلك المرحلة إعلاميات منهن ساذج نصار. و كان لإنشاء إذاعة "هنا القدس" في عام 1936 دوراً هاماً في دعم ثورة عام 1936، و قد عمل في هذه الإذاعة عدد من النساء الفلسطينيات مثل فاطمة البديري و غيرها. و في أوائل الأربعينات أنشئت إذاعة "الشرق الأدنى" في مدينة جنين ثم انتقلت الى مدينة يافا. و قد عمل في هذه الإذاعة ايضاً عدد من الإعلاميات اللواتي انتقلن للعمل في إذاعات عربية في دول مجاورة بعد النكبة عام 1948.
كما امتد الدور السياسي و العسكري و الاجتماعي و الإعلامي للفترة التي تلتها من منتصف الأربعينات وحتى قبيل نكسة 1967 حيث نظمت المظاهرات استنكاراً للتحالفات الاستعمارية وانضمت المرأة الفلسطينية للأحزاب السياسية كحزب البعث الاشتراكي وحركة القوميين العرب والأحزاب الشيوعية. وعلى الصعيد العسكري تشكلت الفرق السرية مثل "زهرة الأقحوان التي رافقت الثوار وقامت بأعمال التمريض وتزويد الثوار بالأسلحة والمؤن. ومن مناضلات تلك الفترة عادلة فطايري ويسرى طوقان وفاطمة أبو الهدى. كما تشكلت منظمة "الأرض" السرية و التي كانت من قادتها نجلاء الأسمر. ومن شهيدات تلك المرحلة حياة البلبيسي وجوليت زكّا" (الهندي، 1995).
أما على الصعيد الاجتماعي فقد اتسم دور المرأة بالصمود أمام نكبة عام 1948 والاسهام بخدمات صحية و تعليمية واجتماعية لابناء اللاجئين، حيث تأسس أيضاً الاتحاد العام للجمعيات الخيرية في ضفتي الأردن و بلغ عدد الجمعيات 56 جمعية في ذلك الوقت (الهندي، 1995).
وعلى الصعيد الإعلامي شاركت المرأة الفلسطينية في عدة مؤتمرات دوليه "مثل المؤتمر العالمي لبحث القضايا الاجتماعية الذي عقد في اليونان عام 1959 وكانت السيدة عصام عبد الهادي ممثله عن وفد الأردن، كما شاركت الحركة النسائية في مؤتمر المرأة الافريقي-الاسيوي في القاهرة عام 1961, والمؤتمر النسائي العربي السادس الذي عقد في القاهرة عام 1966" (الهندي, 1995).
و بعد حرب عام 1967 و في منتصف السبعينات، اتجهت بعض المناضلات الفلسطينيات الى العمل المسلح، و اتسعت القاعدة الجماهيرية و تشكلت "لجان نسوية تقدمية جديدة على نطاق القرى والمخيمات في الضفة الغربية وقطاع وغزة" (عساف، 2001) أمثال نعمة الحلو و أمينة عوده, و لطفية الحواري. و كان لا بد في تلك الفترة أيضا ان يتسع نشاط المرأة الفلسطينية على الصعيد الاجتماعي، فتشكل الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية عام 1965 و الذي كان يهدف "تنظيم طاقات وجهود المرأة الفلسطينية داخل وخارج البلاد لدمجه في حركة التحرير، ورفع مستوى الوعي الثقافي والسياسي والمشاركة في صنع القرار"(عساف،2001). ومن مؤسسات الاتحاد العام "عندليب العمد، عائدة بامية, وديعة الخرطبيل ويسرى البربري" (الهندي، 1995).
على الرغم من هذا الدور النضالي السياسي و الاجتماعي للمرأة الفلسطينية، و الذي خاضته جنباً الى جنب مع الرجل، الا انها تأخرت في بروز دورها الإعلامي المهني. ففي حين يعود تاريخ الإعلام الفلسطيني الى سنوات ما قبل الانتداب البريطاني، الا ان دور المرأة الفلسطينية الإعلامي المهني لم يكن بالبارز كدور الرجل، بل اخذ شكلاً مختلفاً كما ذكرت سابقاً. و يعود ذلك الى صعوبات و قيود اجتماعية لم تسمح للمرأة الفلسطينية بممارسة العمل الإعلامي بشكل واسع بل اقتصر على عدد محدود من النساء الفلسطينيات، اللواتي مارسن هذا العمل بتشجيع من أزواجهن الذين عملوا في الحقل الإعلامي أمثال "منامة الصيداوي قرينة الصحافي عادل جبر محرر صحيفة "الترقي"، و ساذج نصّار زوجة الصحافي نجيب نصّار و التي كانت تساعد زوجها في تحرير صحيفة "الكرمل"، و ماري بولس عقيلة الصحافي بولس شحادة صاحب جريدة "مرآة الشرق"، إضافة الى اسمى طوبى و سميرة عزّام" (عساف، 2001). كما قامت بعض النساء الفلسطينيات في تلك الفترة بالكتابة بأسماء مستعارة "خوفاً من التعرف عليهن من قبل أسرهن او المجتمع المحيط" (عساف، 2001) و ذلك كون العمل الصحافي في تلك الفترة عملاً غير مقبول اجتماعياً و يخرج عن نطاق الأعمال التي كان المجتمع يسمح للنساء القيام بها مثل التدريس و التمريض، و نظراً لان العمل الصحافي يتطلب خروج المرأة الى معترك الحياة التي تؤدي الى الاختلاط بالرجل في مجتمع غلبت عليه سمات المجتمع المحافظ.
و لا تشير الدراسات التاريخية التي تمكنت من الاطلاع عليها خلال إعدادي هذه الورقة، الا فيما ندر، الى مساهمات المرأة الفلسطينية الإعلامية ما بعد الثلاثينات و حتى منتصف الستينات، حين تشكل الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية عام 1965، و الذي "تفرعت عنه عدة لجان متخصصة منها اللجنة الثقافية و الإعلام التي صدر عنها مجلة "الفلسطينية" كلسان حال الاتحاد، كما صدر عن الاتحاد ايضا ً "صوت المرأة الفلسطينية" و هي نشرة صدر العدد الأول منها في 25 نيسان 1967 و لم ينتظم صدورها الى ان توقف بعد احتلال عام 1967" (عساف، 2001). الا ان العمل الإعلامي للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية لم يتوقف، فصدر عنه مجلة "الفلسطينية الثائرة" في عمان عام 1970، ثم مجلة "الفلسطينية" عام 1988. و كانت من "ابرز اللواتي كتبن فيها فريال عبد الرحمن و فتحية العسال و عبلة الدجاني و فيحاء عبد الهادي" (عساف، 2001).
و قد عانى الإعلام الفلسطيني خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي، كما أشرت في بند سابق، من معيقات كبيرة كان سببها الاساسي سياسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الإعلام الفلسطيني، و التي لم تسمح بصدور الصحف بحرية، و قمعت حرية الرأي و التعبير في الأراضي الفلسطينية المحتلة. و على الرغم من هذه السياسة فقد برزت بعض الأطر النسوية التي أخذت على عاتقها توعية المرأة الفلسطينية "اعلامياً و سياسياً و ثقافياً فصدرت مجلة "صمود" عن اتحاد لجان العمل النسائي الفلسطيني، و مجلة "المرأة" الصادرة عن مركز الدراسات في القدس، و "زيتونة بلدنا" و غيرها من الإصدارات الإعلامية النسوية" (عساف، 2001). كما برزت العديد من الشخصيات النسائية في مجال الإعلام أمثال "عصام عبد الهادي، فدوى اللبدي، فريال عبد الرحمن، فتحية العسال، فيحاء عبد الهادي، سهام ابو غزالة، الهام ابو غزالة، عبير شحادة، حليمة جوهر، سحر الوزني، صبحية عوض، مها الكردي، ميسون الوحيدي، نائلة صبري، فاتنة القباني، حياة البط، سهير شويكة، منتهى جرار، يولاند البطارسة، مادلين الياس" (عساف، 2001)، وداد البرغوثي، عطاف عليان و غيرهن من النساء.
1:3 معطيات حول دور المرأة الإعلامي بعد عام 1987
خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993)، وصل عدد كبير من الإعلاميين الأجانب الى الأراضي الفلسطينية المحتلة، و كان لا بد للإعلاميين الفلسطينيين مساعدتهم، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية المتردية و بعد ان قامت الوحدات الإسرائيلية الخاصة بالتنكر على هيئة صحافيين، هذه الحاجة لم تقتصر على الإعلاميين بل شاركت بعض النساء في هذا العمل و خاصة طالبات الجامعات اللواتي تحدثن لغات أجنبية، و اللواتي اتخذن العمل الإعلامي مهنة لهن في وقت لاحق. كما برزت في تلك الفترة إعلاميات فلسطينيات في مجال المراسلة و التصوير الصحافي و التلفزيوني، اذكر منهن على سبيل المثال رولا امين التي بدأت عملها كمصورة تلفزيونية لشبكة CNN في الضفة الغربية و التي تعمل حالياً مراسلة لهذه الشبكة. كما برزت ايضاً المصورة الصحافية رولا الحلواني التي تعمل حتى وقتنا هذا مع وكالة أنباء رويتر. و برزت ايضاً المصورة و المخرجة التلفزيونية بثينة خوري، و المصورة التلفزيونية سهير اسماعيل و غيرهن الكثيرات من الإعلاميات الفلسطينيات.
و لعل من ابرز الأدوار الإعلامية التي تبوأتها المرأة الفلسطينية، دور الناطقة بلسان الوفد الفلسطيني الى مفاوضات السلام مع إسرائيل، و الذي قامت به الدكتورة حنان عشراوي و ابدعت في ادائه، و الذي توقف بعد ان الغي دور الوفد الفلسطيني المفاوض نتيجة لوجود قناة تفاوضية سرية تمخض عنها اتفاق أوسلو.
و بعد ان وقعت منظمة التحرير الفلسطينية و الحكومة الإسرائيلية اتفاق أوسلو عام 1993 تم إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، و إعادة أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها.
لقد ساهم قيام السلطة الوطنية الفلسطينية على تعزيز دور المرأة الفلسطينية، الامر الذي تمثل بتبوء المرأة الفلسطينية بعض المناصب الوزارية و الإدارية في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، الامر الذي جاء مكملاً لما كانت قد بدأت به المنظمات غير الحكومية زمن الاحتلال، و التي دأبت على توظيف النساء بشكل ملحوظ.
و على الصعيد الإعلامي، جاء تشكيل وزارة الإعلام الفلسطينية، كوزارة لرعاية و متابعة الشؤون الإعلامية ليساهم ايجاباً في تفعيل العمل الإعلامي الفلسطيني الذي كان يعاني طوال سنوات الاحتلال. حيث منحت وزارة الإعلام عدة تراخيص لصحف و مجلات نسائية منها "صوت النساء" و هو ملحق لجريدة "الأيام" اليومية يصدر شهرياً عن طاقم شؤون المرأة، و مجلة "ينابيع" الصادرة عن جمعية المرأة العاملة الفلسطينية. و بصدور صحيفتي "الأيام" اليومية و "الحياة الجديدة" اليومية بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، إضافة الى صحيفة "القدس" ازدادت الفرص للأقلام النسائية و الإعلاميات الفلسطينيات للكتابة، و فتح المجال للمراسلات و المصورات الصحافيات العمل في صحف يومية تصدر محلياً.
كما كان لإنشاء هيئة الإذاعة و التلفزيون الفلسطينية (صوت فلسطين و تلفزيون فلسطين) و ترخيص عدد كبير من محطات التلفزة و الإذاعة المحلية الخاصة دوراً كبيراً في بروز عدد من الإعلاميات الفلسطينيات كمذيعات و مراسلات و مصورات و ادرايات في مواقع صنع القرار، و هو ما سآتي عليه لاحقاً في هذه الورقة.
و مع انتشار المحطات الفضائية العربية، و اهتمامها في الشأن الفلسطيني أتيحت الفرصة لعدد من الإعلاميات الفلسطينيات العمل مع هذه الفضائيات العربية كمراسلات من فلسطين، برزن بشكل جلي و واضح خلال انتفاضة الفلسطينية الحالية. و لعل اكبر شاهد على ذلك حصول عدد من الإعلاميات الفلسطينيات العاملات مع الفضائيات العربية على جوائز الصحافة العربية نيسان2001 فمن أصل 22 شخصية او مؤسسة صحافية منحت جوائز لعشر نساء، خمسة منهن لإعلاميات فلسطينيات هن دانيلا خلف مراسلة MBC، شروق الاسعد مراسلة قناة النيل المصرية، ليلى عوده مراسلة قناة ابو ظبي، شيرين ابوعاقلة مراسلة قناة الجزيرة و رسامة الكاريكاتير أمية جحا التي ترسم رسماً كاريكاتورياً يومياً في صحيفة القدس.
و تشكل الفلسطينيات العاملات في الحقل الإعلامي نسبة 20% (شريحة رقم 1) من مجموع الإعلاميين الفلسطينيين (عساف،2001). و هي نسبة ضئيلة مقارنة بعدد النساء المتخرجات من الجامعات الفلسطينية في المجال الإعلامي حيث يبين الجدول رقم (1) ان هناك 313 خريجة من الجامعات الفلسطينية في تخصصات إعلامية مختلفة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى