مفاهيـم حول حقوق الإنسان
صفحة 1 من اصل 1
مفاهيـم حول حقوق الإنسان
ورقـة مفاهيـم
حول حقوق الإنسان
إعداد المحامي المدرب
صلاح عبد العاطي
[color:bedd=blue:bedd]أولا :القانــون الدولـــي الإنســـــانـي
القانون الدولي الإنساني هو ذاك الفرع من فروع القانون الدولي التي تعنى قواعده العرفية والمكتوبة بتنظيم حقوق والتزامات الأطراف المتحاربة أثناء سير وتوقف العمليات الحربية وأيضا المتعلقة بحماية السكان المدنيين وممتلكاتهم حال النزاعات المسلحة.
وكثيرا ما يستعمل مصطلح قانون لاهاي وقانون جنيف في كتابات القانون الدولي الإنساني، للتدليل على وجود قسمين لهذا القانون:
أ- قانون لاهاي.
يقصد بقانون لاهاي مجموع قواعد القانون الدولي الإنساني المتعلقة بتنظيم استخدام القوة ووسائل وأساليب القتال، كالقواعد المتعلقة بحظر استخدام أسلحة معينة ( السموم والغازات الخانقة، والأسلحة الجرثومية، والكيماوية والرصاص المتفجر، والمقذوفات القابلة للانتشار أو التمدد بالجسم بسهولة، وحظر استخدام بعض أنواع الألغام وغير ذلك من القواعد المتعلقة بماهية وطبيعة السلاح الممكن استخدامه.
كذلك أهتم قانون لاهاي بتنظيم سلوك المتحاربين أثناء القتال، كنصه على حظر قتل أفراد العدو باللجوء الى الغدر وحظر قتله للمقاتل المستسلم وحظر تدمير ممتلكات العدو أو حجزها دون مبرر وحظر شن الهجمات العشوائية أي التي لا تفرق بين المقاتل والمدني وحظر تدمير الممتلكات المخصصة للعبادة والصحة والتعليم وحظر قصف الأحياء السكنية وغيرها من الالتزامات التي يرمي وجودها الى عدم إطلاق يد المتحاربين في اختيار ما يروه من وسائل وأساليب لالحاق الضرر بالعدو.
ولعل أهم اتفاقيات القانون الدولي الإنساني المتعلقة بهذا المجال هي:
اتفاقية لاهاي المتعلقة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907.
اتفاقية لاهاي بشأن زرع ألغام التماس البحرية الأوتوماتيكية لعام 1907
بروتوكول جنيف بشأن حظر استعمال الغازات الخانقة والسامة لعام 1925
اتفاقية حظر التغيير في البيئة لعام 1976.
بروتوكول المتعلق بأسلحة اللازر المعمية لعام 1995.
البروتوكول المتعلق بحظر او تقييد استعمال الألغام والأشراك الخداعية والنبائط الأخرى لعام 1996.
ب- قانون جنيف
يقصد بقانون جنيف مجموع قواعد القانون الدولي الإنساني المتعلقة بحماية ضحايا المنازعات المسلحة، مثل جرحى ومرضى وغرقى القوات المتحاربة أو الأسرى أو السكان المدنيين المتواجدين في دائرة العمليات القتالية أو فرق الإغاثة وأفراد الطواقم الطبية الذين يقوموا بمهمة البحث عن الجرحى والمرضى أو تقديم الرعاية والعناية الطبية للمرضى والسكان المدنيين.
وتهدف فرع القانون الدولي الإنساني المعني بهذا الجانب الى تكريس الحماية لهذه الفئات من خلال إلزام القوات المتحاربة وقوات الاحتلال بواجب الامتناع عن القيام بافعال محددة بمواجهتهم، كحظر اخضاعهم للعقوبات الجماعية وحظر القيام بهدم وتدمير ممتلكاتهم وحظر اخضاعهم للمعاملة الحاطة بالكرامة وحظر اخضاعهم للتعذيب وغيره من الممارسات الوحشية واللاإنسانية، وحظر وضع السكان في ظروف معيشية صعبة وحظر الانتقام منهم وغيرها.
وتنظم هذا القسم من قواعد القانون الدولي الإنساني مجموع الاتفاقيات التالية:
لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907.
اتفاقيات جنيف الأربع المبرمة عام 1949وهي
-اتفاقية جنيف الاولى المتعلقة بحماية جرحى ومرضى القوات المسلحة في الميدان .
- اتفاقية جنيف الثانية المتعلقة بحماية جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار.
-اتفاقية جنيف الثالثة المتعلقة بأسرى الحرب.
اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب.
بروتوكول جنيف الأول المكمل لاتفاقيات جنيف الاربع والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات الدولية المسلحة المبرم عام 1977
أسـاس مصطلح القانون الدولي الإنساني
يعد مصطلح القانون الدولي الإنساني اصطلاحا بديلا لمصطلح قانون الحرب الذي شاع وساد استخدامه لغاية وضع ميثاق الأمم المتحدة عام 1945.
وبالنظر لتحريم ميثاق الأمم المتحدة الصريح للحرب، استبدل الفقه اصطلاح قانون الحرب باصطلاح قانون النزاعات المسلحة كبديل اصطلاحي أكثر ملائمة وانسجام مع التحول في النظرة الدولية للحرب.
وفي أعقاب الإعلان الذي أصدره المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان في طهران 1968، تأثر هذا الفرع القانوني بالحراك النشط لحركة حقوق الإنسان، حيث كان لارتباط مضمونه بفكرة حقوق الإنسان أثره الواضح في إطلاق الفقه الدولي لاصطلاح القانون الدولي الإنساني على هذا الفرع من فروع القانون الدولي بوصفة الفرع الثاني للمنظومة القانونية الدولية المعنية بحماية وضمان حقوق الإنسان.
أهم مبادىء القانون الدولي الإنساني
*-احترام الحق في الحياة
*- حماية كرامة الإنسان وضمان سلامته حال المنازعات المسلحة
*- التمييز بين المدنيين والمحاربين.
*-إلحاق الضرر بالعدو ليس حقا مطلقا.
*-التقليل من ويلات ومعاناة بني البشر حال المنازعات المسلحة.
*-التمييز بين الأعيان"الممتلكات" المدنية والأعيان المحمية والعسكرية.
*-احترام مبدأ المساواة في الحقوق وحظر التمييز بين البشر حال المنازعات المسلحة.
*-احترام البيئة الطبيعية والحفاظ عليها.
*-حظر التعذيب.
*-ضمان حق الخصم بالمحاكمة العادلة.
*-حظر السخرة.
ثانيا :القانــون الدولـــي لحقوق الإنســان
القانون الدولي لحقوق الإنسان هو ذاك الفرع من فروع القانون الدولي الذي تعنى قواعده ومبادئه المكتوبة بتعزيز وحماية الدول لحقوق الأفراد المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فضلا عن ضمان تدخل الدول لكفالة تمتع الأفراد الفعلي بها.
وعلى عكس قواعد القانون الدولي الإنساني تسري أحكام هذا القانون في حال السلم وحال الحرب من حيث المبدأ.
ويقوم هذا الفرع من القانون على مجموعة من المبادىء أهمها:
*-حق الانسان في الحياة.
*- حماية كرامة الإنسان.
*-احترام مبدأ المساواة في الحقوق.
*-حظر التمييز بين البشر.
ويعد موضوع القانون الدولي لحقوق الإنسان موضوعاً حديث العهد نسبيا لكون أحكام القانون الدولي العام اقتصرت منذ بدايات وجودها على تنظيم وتحديد حقوق والتزامات الدول في علاقاتها المتبادلة ليضاف للدول فيما بعد أشخاصا أخرى مثل المنظمات الدولية وغيرها، ومن ثم لم ينل موضوع الأفراد وحقوقهم وحرياتهم أي اهتمام أو إشارة من أحكام وقواعد هذا القانون التي تركت موضوع علاجها وتنظيم جوانبها المختلفة لقوانين الدول الداخلية، وبالتالي إمتنعت أحكام القانون الدولي انطلاقا من عدم اختصاصها في التدخل بشؤون الدول الداخلية عموما وحقوق وحريات مواطني الدول خصوصا، عن مناقشة موضوع حقوق وحريات الأفراد، لغاية صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بمقتضى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 10/12/1948، والذي نصت مقدمته على
"لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية، وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والمساواة، ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا الى همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع.
ولما كان من الضروري ان يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكير يضطر المرء آخر الأمر الى التمرد على الاستبداد والظلم"
لقد شكل هذا الإعلان الفاتحة والبداية الحقيقية للاهتمام الدولي الجاد والفاعل بحقوق الإنسان وتطور النظرة الدولية للعلاقة الجدلية القائمة بين هذه الحقوق والاستقرار والسلم بشقيه الداخلي والدولي.
وبالطبع لم يكن الإعلان العالمي سوى اللبنة الأولى لنشأة وقيام ما بات يعرف اليوم بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي أكتمل أساسه بوضع المجتمع الدولي في عام 1966 لاتفاقيتين هما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الأول الملحق به -البروتوكول الاختياري الأول المتعلق بصلاحية اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المشكلة بمقتضى العهد من استلام الرسائل من الأفراد ضحايا انتهاكات الحقوق المقررة بالعهد، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ثم البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية" والمتعلق بإلغــاء عقوبـة الإعـدام الذي اعتمد ونشر بقرار الجمعية العامة في 1989.
لقد أضحت هذه المواثيق مجتمعة والمعروفة بالشرعة الدولية لحقوق الانسان الاساس والسند القانوني لما يعرف بالقانون الدولي لحقوق الانسان.
ثالثا :مصادر القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
يشترك كل من القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان بوصفهما إحدى فروع ومكونات القانون الدولي في و
أ-المعاهدات الدولية
تعد الاتفاقيات الدولية أي المعاهدات التي تقوم بإبرامها الدول، المصدر الأساسي الذي يستمد منه اليوم كل من القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان قواعده وأحكامه.
وعلى صعيد القانون الدولي الإنساني توجد اليوم عشرات المعاهدات الدولية الخاصة بتنظيم مختلف جوانب ومجالات هذا الفرع من القانون، شكلت بداياتها وأولها دون شك اتفاقية جنيف لعام 1864 المتعلقة بحماية الجرحى في الميدان، ثم تلتها اتفاقيات لاهاي لعام 1899 والمتعلقة بقوانين وأعراف الحرب، واتفاقيات لاهاي المتعلقة بحظر استعمال الرصاص القابل للانتشار أو التمدد في الجسم، ثم اتفاقيات لاهاي لعام 1907، واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، واتفاقية لاهاي المتعلقة بحماية المؤسسات الفنية والعلمية والآثار لعام 1954، وبروتوكولات جنيف الأول والثاني المكملات لاتفاقيات جنيف الأربع المبرمة عام 1977، وأخيرا اتفاقية محكمة الجزاء الدولية التي دخلت حيز النفاذ في عام 2002م.
وبالنسبة لقانون حقوق الإنسان، يكاد هذا الفرع من القانون يعد اليوم من أكثر فروع القانون الدولي التي حظيت باهتمام الدول، وهذا ما تؤكده مجموع الاتفاقيات الدولية المبرمة لتنظيم وتحديد مختلف مجالات ومواضيع حقوق الانسان وحرياته والتي فاق عددها اليوم الاتفاقيات المئات من الاعلانات والبروتوكولات الدولية.
وتنقسم مواثيق حقوق الانسان الى عدة أقسام أهمها:
أ-الاتفاقيات الدولية، أي الاتفاقيات التي تبرمها الدول في مجال حقوق الانسان وحرياته ، وهنا تجدر الاشارة الى انقسام الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان الى ثلاث أقسام :
*- القسم الاول الاتفاقيات العامة، أي تلك المتعلقة بتنظيم مجموعة متداخلة من الحقوق والحريات تنطبق على الاشخاص عامة كما هو الحال مع:
-الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية.
-الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
*-القسم الثاني الاتفاقيات المتخصصة بحق محدد بذاته، أي تلك المتعلقة بتنظيم كما هو الحال مع الاتفاقيات المتعلقة بـ
-الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
-الاتفاقية الخاصة بالرق.
-اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية والحاطة بالكرامة.
-اتفاقية المساواة في الأجور.
-الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري.
-الاتفاقية المتعلقة التمييز في مجال الاستخدام.
*-القسم الثالث الاتفاقيات المتخصصة بتنظيم حقوق وحريات فئة محددة بذاتها من الأشخاص، كما هو الحال مع:
-الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
-اتفاقية حقوق الطفل.
-الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين.
-الاتفاقية الخاصة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية.
ب_الاعلانات الدولية
الاعلان هو عبارة عن قرار صادر عن إحدى الأجهزة الرسمية لمنظمة الأمم المتحدة أو عن تجمع دولي"مؤتمر" سواء كان عالمي أو أقليمي، ويتم في هذا الصدد وصف هذا القرار بالإعلان للتأكيد والتدليل على القيمة والأهمية الخاصة لمضونه، ومن أهم الاعلانات الدولية الصادرة في مجال حقوق الانسان وحرياته :
الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
إعلان مبادىء التعاون الثقافي.
-الإعلان العالمي لإستئصال الجوع.
-إعلان الحق في التنمية.
- إعلان حقوق الطفل
-إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة
-اعلان حقوق الأشخاص المنتمين الى أقليات قومية.
ولعل ما تجدر الإشارة اليه ما قد تشكله الاعلانات الدولية من أساس وتمهيد لابرام ووضع المجتمع الدولي لاتفاقية خاصة بموضوع الاعلان .
ب- العرف الدولي :
يعني العرف الدولي مجموع العادات التي درجت على اتباعها الدول لفترة زمنية معقولة بحيث ترسخ الاعتقاد فيما بعد لدى الدول بوجوب احترام هذه العادات وتطبيقها كقاعدة قانونية ملزمة.
ومن أهم الأمثلة على هذا النمط من مصادر القانون، احترام حياة أسرى الحرب، وعدم قتل الرسل وممثلي الدول، وتقديم الغوث والعون للسفن في أعالي البحار حال الغرق.
ج - القضاء الدولي.
يقصد بهذا المصدر من مصادر القانون مجموع القواعد والمبادىء التي يمكن استخلاصها من أحكام المحاكم الدولية سواء المحاكم العادية الدولية أي المتخصصة بنظر نزاعات الدول الحقوقية المدنية أو المحاكم الجنائية الدولية أي المحاكم المتخصصة بمساءلة وعقاب مرتكبي الجرائم الدولية.
د- الفقه الدولي .
يقصد بالفقه الدولي مجموع المبادىء التي يمكن استخلاصها من أراء كبار الفقهاء والشراح المتخصصين في مجال القانون الدولي، حيث أن الكثير من قواعد ونظريات القانون قد كان الفضل بوجودها وقيامها لاجتهادات وتحليلات هذه النخبة، التي كان لمناداتها وتأكيدها الدائم على وجوب احترام وتطبيق الدول لبعض القواعد والالتزامات أثره الواضح في تبني الدول فيما بعد لهذه الأفكار والعمل بها، كما هو الحال مع الأفكار الداعية لعدم التمييز والمساواة في المعاملة وتنفيذ الدول لالتزاماتها بحسن نية.
رابعا : أوجه التقارب والالتقاء بين القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.
على الرغم من اختلاف مجالات انطباق وسريان كل من القانونيين فضلا عن اختلاف الأوضاع التي ينظمها كل منهما، والظروف المحيطة بنشأة وقيام كل منهما إلا أن ما يجمع هذان الفرعان من القانون الدولي هو بلا شك هدف حماية الإنسان وضمان وصون كرامته.
فالقانون الدولي لحقوق الانسان يسعى لحماية الأشخاص بمواجهة تعسف وانتهاكات الدولة لحقوق رعاياها وغيرهم من المقيمين الاجانب على اراضيها، في حين يسعى القانون الدولي الإنساني الى حماية الأشخاص بمواجهة تعسف وانتهاكات العدو سواء وقت الحرب أو حال الاحتلال الحربي، ولهذا يتجسد الباعث والهدف الأساسي من قيام ووجود هذان الفرعين بلا شك في حماية الإنسان وضمان سلامته وكرامته سواء في الظروف الطبيعية أو في الظروف غير الطبيعية
خامسا: أوجه الاختلاف والتباين بين القانونين
القانون الدولي لحقوق الإنسان
القانون الدولي لحقوق الإنسان
على الرغم من التقاء القانونين في الهدف والمصدر والأساس توجد بينهما جملة من الاختلافات أهمها:
-يسري القانون الدولي الإنساني في وقت الحرب والنزاعات المسلحة والاحتلال فقط بينما تسري وتنطبق أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان وقت السلم والحرب.
-ينظم القانون الدولي الإنساني العلاقة بين الدولة ورعايا الأعداء ، في حين ينظم القانون الدولي لحقوق الإنسان العلاقة بين الدولة ومواطنها فضلا عن الرعايا الأجانب المقيمين على أراضيها.
-يسعى القانون الدولي لحقوق الإنسان الى تحقيق نماء ورفاهية الفرد في المجالات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في حين يهدف القانون الدولي الإنساني الى ضمان تأمين الحد الأدني من الحقوق الأساسية أي الحقوق التي لا غنى عنها للإنسان.
- مواثيق القانون الدولي لحقوق الإنسان تتسم بطابع الذكر والتعداد النصي للحقوق والحريات الواجب ان يتمتع بها الفرد، ولهذا خلت مواثيق هذا القانون من آليات التجريم والمساءلة على انتهاك الغير لهذه الحقوق، بينما تمتاز مواثيق القانون الدولي الإنساني باهتمامها بالنص على تجريم جملة من الانتهاكات التي قد تقع على بعض الحقوق والحريات.
سادسا: القيمة القانونية لمواثيق للشرعة الدولية بالنسبة للسلطة الفلسطينية
يرجع الأساس والسند القانوني في اعتقادنا لوجوب التزام السلطة الوطنية الفلسطينية باحترام وتطبيق مواثيق القانون الدولي لحقوق الانسان وتحديدا الشرعة الدولية -(الإعلان العالمي والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكولات الاختيارية الملحقة به والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية )- الى عدة اعتبارات عدة أهمها :-
أ-عضوية منظمة التحرير الفلسطينية في هيئة الأمم المتحدة.
بمقتضى قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 3237 ( د - 29 ) المؤرخ في 22 تشرين الثاني 1974، منحت منظمة التحرير الفلسطينية مركز المراقب في الهيئة الدولية،* وبالطبع يترتب على امتلاك المنظمة لهذا المركز التزام المنظمة الصريح باحترام ميثاق الأمم المتحدة وما صدر إعمالا له من إعلانات وقرارات خاصة بحقوق الانسان وحرياته.
ب-أكدت وثيقة الإستقلال الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني في دورته المنعقده بالجزائر 1988، على التزام دولة فلسطين الصريح بإحترام أحكام ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وبالنظر لكون هذه الوثيقة تجسد الأساس القانوني والمرجعية العليا للمبادئ والأسس التي ستقوم عليها دولة فلسطين، فهنا تقتضي أحكام ومبادئ هذه الوثيقة دون شك، التزام السلطة بإحترام التعهدات والامتناع عن القيام بأي عمل أو إجراء يتناقض مع هذه المبادئ أو يخالفها، لما لهذه الوثيقة من قيمة ومركز قانوني مميز يضعها بمصاف ودرجة القواعد الدستورية التي لا يجوز بأي حال من الأحوال للقوانين والتشريعات العادية أن تخالفها أو تخرج على إحكامها.
ج-أعلن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بارادته المنفرده في عدة مناسبات ومواقف عن التزام السلطة الوطنية الفلسطينية الصريح من جانب واحد بأحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و المواثيق والإعلانات الدولة الخاصة بحقوق الإنسان.
وبالطبع يترتب على مثل هذه الإعلانات التزامام السلطة الوطنية الفلسطينية باحترامها وليس هذا فحسب إذ تجيز مثل هذه الاعلانات للغير بمطالبة السلطة الوطنية الفلسطينية بتنفيذ التزاماتها الناشئة عن هذه الاعلانات.
ولعل الهام في هذه الاعتبارات والمبررات القانونية الخاصة بالزامية بعض مواثيق حقوق الإنسان لمنظمة التحرير الفلسطينية وأيضا للسلطة الوطنية الفلسطينية، امتلاك المواطن الفلسطيني لحق ومشروعية مساءلة السلطة الوطنية الفلسطينية بل ومقاضاتها أمام القضاء الفلسطيني حال انتهاكها أو إغفالها لالتزاماتها الناشئة عن أحكام ومبادىء هذه المواثيق.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى